هل سَقطَ حُكمُ المصرِف الاميركي؟/ فقد هوى السليكون فالي من أعلى قمةٍ مصرِفية اميركية في اوسعِ النكساتِ العالمية منذُ عام الفين وثمانية/ فتحوّلت كاليفورنيا المَقرُّ الرئيسي للمصرف الى ولايةٍ يَقصدُها صغارُ المودعين وتترقّب أسهمَها شركاتُ الانترنت والذكاء الصناعي حولَ العالم/ ولم تكُنْ صدمةُ السليكون فالي غريبةً عن لبنان الذي أصبح لمودعيه نظراءُ أميركيون وبريطانيون.. وباتَ الجميعُ تحتَ عباراتٍ شيطانية.. الودائع, الأصول, رفعُ الفائدة من المركزي, التعثّر عن الدفع, الدمج, اعلانُ الافلاس وغيابُ عاملِ الثقة/ لكنّ اميركا سارعت بعدَ ثمانٍ واربعين ساعة الى احتواءِ الازْمة.. وقالت وزيرةُ الخزانةِ الأميركية جانيت يلين إن الحكومةَ الفيدرالية لن تُنقِذَ بنك سيليكون فالي، لكنّها ستعملُ على مساعدةِ المودعين الذين يشعرون بالقلق بشأنِ أموالِهم// هذه الاموال بدأت بالتبخّر ودَفعت سيليكون فالي إلى الإفلاس عندما بدأ عملاؤُه بسحبِ ودائعِهم.. ومعظمُهم من شركاتِ التكنولوجيا التي كانت بحاجةٍ إلى السيولة.. واضُطرَّ البنك إلى بيعِ السندات بخَسارة لتغطيةِ عملياتِ السحب، ما تسبّبَ بالانهيار السريع/ لكنّ المعالجات سوفَ تبدأ من الاثنين المقبل في اجتماعاتِ المركزي الاميركي والاحتياطي الفدرالي/ وعلى مستوى الولاياتِ المتحدة فإنّ المعالجات ستكونُ بالدمجِ والاستيعاب.. حيث لن تأتيَ الحلولُ مستوحاةً من حكومةِ حسان دياب، والسلّةِ المثقوبة لوزيرِ الاقتصاد راوول غونزالس نعمة، أو وزيرِ مال يَسألُ مرجِعيتَه السياسية.. او حكومةِ تصريفِ اعمالٍ منشقّة عن التيار، والتيار منقلبٌ عليها.. أو جمعيةِ مصارف تحمّلُ الدولةَ مسؤوليةَ الخسائر، والدولةُ برؤوسٍ تفاوضيةٍ عديدة معَ صُندوقِ النقدِ الدولي.. والكابيتال كونترول يتأخّر ثلاثَ سنواتٍ عن موعدِه/ فيما حاكمُ المركزي سوفُ يبدأ رحلةَ استجوابٍ محلية على أوروبية/ فنحنُ في وادٍ من السليكون السياسي، الذي يَجعلُنا دولةً لا تشبهُ أحداً في ازَماتِها سوى الاستدانة، التي يبدو انها ستَعُمُّ المجتمعَ الاميركي كما اللبناني// وبالسيولةِ المحلية المقتطَعة من الاتفاقِ السُعودي الايراني.. فإنّ لبنان على قارعةِ الانتظار، إذ تتقدّمُه دولٌ لها اولويةٌ في المعالجاتِ والحلول وبينَها اليمن/ وسيكونُ هذا الاتفاقُ الثنائي في المختبرِ الجنائي على مدى شهرين.. لكنّ قاعدتَه الاساسية، وهي سياسةُ عدمِ التدخّل في شؤونِ الدول، سوف تُحيّدُ لبنان مرحلياً عن التدخّلِ المباشر/ وللاتفاق ذيولٌ عالمية تَضرِبُ بنتائجِها مساعيَ كلٍ من الولاياتِ المتحدة وإسرائيل على وجهِ التحديد/ ولم يعُدْ خافياً أن سياسةَ وليِ العهدِ السُعودي الامير محمد بن سلمان قد تعاملت معَ اميركا كدولةٍ ثالثة وليس كقوّةٍ عظمى.. وفَرضت اولوياتِ المملكة والمِنطقة على ما كانَ من البديهياتِ الاميركية.. وزمنَ السعودية بقرةً حلوب// انخفضَ عاملُ الثقة كسيليكون فالي في أميركا منذ أن قررت التخلّي عن حلفائِها في افغانستان، وتَرْكَهم يَلحقون بطائراتِها هرباً من الجحيم/ وتجلّى التخلي في أرفعِ صُوَرِه بالاحتفاء بالرئيس الصيني في المملكةِ العربية السُعودية واستقبالِه كقائدٍ يمثّلُ إمبراطوريةً شريكة للمستقبل، على عكسِ الاستقبالِ البارد للرئيسِ الاميركي جو بايدن في السعودية وعودتِه منها منزوعَ الفوائدِ المالية الاقتصادية بخلافِ غريمِه دونالد ترامب/ وواكبتْ السُعودية هذا الأداء بتمنّعِها عن اتخاذِ موقفٍ من حربِ اوكرانيا ضِدَ روسيا وسحبِها الى معسكرِ التسلح، ورفضِها زيادةَ انتاجِ البترول بناءً على دعوةٍ اميركية.. كما انها استَبقت هذا الحِياد بمصالحةِ قطر ودعمِ تُركيا بالودائع، وتخطّي حاجزِ الإخوان المسلمين لديها/ فهل يَنسحبُ هذا المسار على الاستمرارِ في سياسةِ رفضِ التطبيع معَ اسرائيل؟/ فـ"تل ابيب" تَصرُخُ اليوم من الداخل.. لكنّ صرخاتِها ستكونُ اوسعَ مدى عندما تُمنَعُ طائراتُها من التحليقِ فوقَ الاجواءِ العربية الخليجية لتوجيهِ ضرَباتٍ عسكرية ضِدَ ايران.
مقدمة النشرة المسائية 30-3-2023
مقدمة النشرة المسائية 28-3-2023