بَلَغَ السَيلُ الزُبى.. فغَرِقَ شرق بيروت "بشلال مي" أعالي المتن أَصبحت عندَ ساحل أنطلياس وجونيه.. والمطرُ الغزير أَغرقَ غزير وصولاً إلى جبيل، حيث تدفّق الطوفان بما حَمَلَ من أتربةٍ ووحول وبقايا إنشاءات واستقرَّ سيولاً جَرفت كلَ ما في طريقها ودَخلتِ البيوت والمحالَ التجارية وهذه المرة فإنّ الكارثة لم تَقع على عاتقِ المتساقطات، إنما كانت بفعلِ فاعل، اعتدى على الأملاكِ النهرية العامة، وأقامَ المُنشآت على ضِفافِها وسَدَّ منافِذَ المياه بمخلّفاتِ البناء. حكومةُ تصريفِ الأعمال عَجزت عن تصريفِ المياه في مجاريها.. ووزيرُ الأشغال العامة والنقل علي حمية صَبَّ حِممَهُ على المتسببين ممّن طَمروا المجاري والعبّارات ورَفعوا مستوى أبنيتِهم كي يتمتّعوا "بفيو بحري"، وأَمطرَ حمية مَن يغطّيهم ويَمنحُهم التراخيصَ من وِزارةِ الداخلية والبلديات بزَخّاتٍ من انعدامِ المسؤولية أما مصلحةُ المياه في وِزارةِ الطاقة كونَها الوصيُّ الشرعي على المجاري، فأَحالها على وزيرٍ فيّاض يَقضي وقتَه بينَ الأرضِ والسماء. وثّقَ وزيرُ الأشغال مصدرَ الطوفان بشريطٍ مصوّر من مِنطقة ساحل علما- شننعير يُظهِرُ بوضوح مكانَ تدفّقِ المياه وخروجِها من مجراها الطبيعي إلى الطرقات لكنَ إعصارَ حمية بَقِيَ زوبعةً في فنجان، ولم يُخرِجْ مسؤولاً من مجاري صمتِه على السَيلةِ الكبرى انتهى نهارُ بلادٍ غارقة في الأزَمات.. معطَّلة من رأسِها حتى أخمصِ مجاريرها رئيسُ حكومتِها يُصرّفُ الوقتَ ولا يَجرؤُ على ارتكابِ الفعلِ الإنساني وعَقْدِ جلسةٍ لمجلسِ الوزراء حتى عندَ الضرورةِ القصوى المَرَضية العاجلة ونوابُها يَلعبون على القوانين بينَ الفراغين، ويسجّلون الأهدافَ خارجَ مَرماها.. هزّوا شِباكَ الكابيتال كونترول، وأَهدروا ثلاثةَ أعوامٍ خارجَ مِنطقةِ الجزاء حتى ضاعتْ حقوقُ المودعين بـ"هيركات" مقنّع.. وهرّبَ مَن هرّبَ من المسؤولين والمَحظيين أموالَهم إلى الخارج وبينَ لجانِ الكابيتال المشتركة، وريموت كونترول جلَساتِ انتخابِ الرئيس.. اللبنانيون غارقون في المآسي في بلد "على الأرض يا حكم"، "والله يستر" منَ القادم علينا فما لم يَقُلْهُ الراعي من الفاتيكان أَفصحَ عنه في لبنان راعي أبرشية بَعْلَبك ودير الأحمر المارونية المِطران حنا رحمة وهو حَمّلَ النوابَ المسيحيين المعطِّلين مسؤوليةَ إطالةِ أمدِ الفراغ وما يَفعلونهُ يمّثُل ضربةً وخِنجراً قوياً يُغرَزُ في جسدِ الوطنِ والشعب، ويجبُ محاسبتُهم لأنّهم يَترُكون البلادَ بِلا رئيس وبِلا حكومة. صرخةُ "الرحمة" لم تَصِلْ إلى مسامعِ المعطِّلين.. فمنهم مَن أمّنَ النِصابَ على مدرّجات قطر، ومنهم مَن دَخلَ في إجازةِ الأعياد خارجَ البلاد.. والغالبيةُ منهم أَصبحَ حضورُها لُزومَ ما لا يَلزم في معالجةِ الأزَماتِ الخانقة وحتى المتنفّس الكُروي الوحيد حُرِمَ منه اللبنانيون واكتفَوا "بالفرجة" عن بُعد وقبلَ انتقالِ المنتخبات إلى الدور الثاني، فإنّ الأنظارَ تتّجهُ الليلة إلى أرضِ الثُمامة في قطر حيثُ سيُستأنفُ التخصيبُ الرياضي بينَ المنتخبَيْن الأميركي والإيراني وفي لقاءٍ هو الثاني لهما منذُ عامِ ثمانيةٍ وتسعين على أرضِ الملاعب بعدَ أربعةٍ وعِشرينَ عاماً سيتواجَهُ نمورُ إيران معَ لاعبي العم سام، في أُمِّ المبارياتِ الرياضية بروحٍ سياسية وهذه المرة ليسَ في أروقةِ ليالي الفُرس في فيينا، بل في السباق نحو الدور الثاني في كرة القدم.
مقدمة النشرة المسائية 30-3-2023
مقدمة النشرة المسائية 28-3-2023